recent
أخبار ساخنة

مفهوم النقد العربي القديم وقضاياه

عزيزي القارىء أين ما كنت حللت أهلا ونزلت سهلا وأنرت بوجودك سماء المدونة.   



مفهوم النقد العربي القديم وقضاياه


لا ريب أن النقد العربي القديم هو من أهم التراث الأدبي الذي أثر في الأدب العربي والعالمي بشكل كبير وأثرى الساحة الأدبية.  

 مفهوم النقد الأدبي 

النقد الأدبي هو عملية تقييم وتحليل الأعمال الأدبية بغرض فهمها وتحليلها واستخلاص المعاني العميقة منها. 

ويعود تاريخ النقد الأدبي إلى فترة قديمة في العالم العربي وهي فترة عصر الجاهلية، وتطورت مناهجه وأساليبه على مر العصور.

يُطلق على الشخص الذي يمارس النقد اسم "الناقد"، وهو من يكشف عن العناصر الصحيحة والأصيلة في النص ويميزها عن العناصر الزائفة والمصطنعة. 

النقد العربي القديم 

يتميز النقد القديم بأحكام انطباعية وذوقية وعفوية تقوم على الذوق والتأثير الشخصي للناقد، وقد ركز النقاد الجاهليون على تقدير الشعراء وتقييم قصائدهم تبعا لانطباعاتهم الخاصة. 

ومع مرور الزمن، تطور النقد العربي وتنوعت منهجياته مع النقاد الكبار مثل ابن قتيبة والجمحي والأصمعي والمفضل الضبي.

في العصور اللاحقة، ازداد التطور في المناهج النقدية وتفصيل القوانين والمعايير المستخدمة في النقد الأدبي حيث ظهرت الأسس الفلسفية والأخلاقية والدينية في عمليات النقد، وبدأ النقاد في استخدام منهجيات معقدة لفهم الأعمال الأدبية بمزيد من العمق والتفصيل.

قضايا النقد العربي القديم 

تناول النقد العربي القديم مجموعة من القضايا النقدية؛ منها قضية اللفظ والمعنى، وقضية السرقات الشعرية، وقضية أفضلية الشعر على النثر، وقضية الإعجاز القرآني، وقضية عمود الشعر العربي، وقضية المقارنة والموازنة على غرار الآمدي والصولي. 

كما تم التطرق إلى قضية بناء القصيدة لدى ابن طباطبا وابن قتيبة، وقضية الفن والدين لدى الأصمعي والصولي وغيرهما.

وتم أيضًا التفكير في قضية التخييل الشعري والمحاكاة والتي تم طرحها من قبل فلاسفة النقد مثل الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد والقرطاجني وابن البناء المراكشي والسجلماسي.

في عصر الانحطاط، شهد النقد العربي انحسارًا في نشاطه حيث تركز على التجميع وكتابة التعليقات والحواشي، وقد كان ذلك واضحًا في أعمال كبار النقاد مثل ابن رشيق القيرواني في كتابه "العمدة" وابن خلدون في "مقدمته".

قضية اللفظ والمعنى:

تعد قضية اللفظ والمعنى من أهم قضايا النقد العربي القديم حيث تمحورت حول العلاقة بين اللفظ والمعنى، وكيفية استخدام اللغة والألفاظ لإيصال المعنى بأفضل شكل ممكن. 


وقد أكد النقاد العرب القدامى على أهمية توافق اللفظ مع المعنى وعلى محاولة تفسير المعاني بأفضل شكل ممكن.

قضية الصدق والكذب:

تعد قضية الصدق والكذب من القضايا المهمة في النقد العربي القديم، حيث تناول النقاد العرب الصدق والصراحة في الأدب والشعر ودعوا إلى عدم استخدام الكذب والزيف في الألفاظ والعبارات. 


وفي هذا السياق، طالب النقاد العرب القدماء بضرورة الالتزام بالصدق في الأدب وتجنب استخدام الكلمات الزائفة والمبتذلة.

قضية الطبع والصنعة:

تعد قضية الطبع والصنعة من القضايا المهمة في النقد العربي القديم، حيث اهتم النقاد العرب بجودة الطبع والصنعة في الأدب والشعر، وحثوا على استخدام الألفاظ والعبارات الصحيحة والمناسبة، وتجنب استخدام الألفاظ الخاطئة أو الغير مناسبة.

قضية السرقات الأدبية:

تعتبر قضية السرقات الأدبية من أهم القضايا التي شغلت بال النقاد والأدباء في العصور القديمة، وهي قضية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والأدبية وحمايتها. 


وقد كانت هذه القضية تتمحور حول سؤال هام يتعلق بالأدب، وهو إلى أي مدى يجوز للشاعر أو الكاتب أن يأخذ أفكاراً أو عبارات أو قصصاً من أعمال الآخرين ويضيف عليها ليصنع عملاً جديداً

تعود جذور هذه القضية إلى العصر القديم، حيث كانت المعرفة والأدب متاحة للقلة المختارة فقط، ولم يكن هناك وسائل لنشر الأفكار والأعمال بشكل واسع، لذلك كان لدى الأدباء الحق في الاحتفاظ بأفكارهم ومعارفهم وحفظها لأجيال المستقبل.

ومع ذلك، كانت السرقات الأدبية موجودة منذ القدم، وكان الأدباء يستعينون بأفكار الآخرين ويتبنونها في أعمالهم الخاصة، ولكن ذلك كان يتم بطرق مختلفة تمامًا عما يحدث في العصر الحديث، حيث يمكن نسخ الأفكار والنصوص بسهولة ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة لذلك فإن هذه القضية كانت تدور حول الحدود التي يجب على الأدباء والشعراء احترامها عندما يستعينون بأفكار الآخرين، والتزامهم بقواعد النزاهة والأمانة الأدبية. 


وتمتلك السرقات الأدبية أبعاداً أخلاقية وقانونية، وينبغي أن تتم معالجتها وفقاً للمعايير الأدبية والقانونية، وذلك حتى يتم حماية حقوق الملكية.

قضية القديم والمحدث: 

هذه القضية تتعلق بمدى الاهتمام بالأعمال القديمة مقارنة بالأعمال الحديثة. 


وقد تناول النقاد القدامى هذه القضية في العصر العباسي، حيث كانوا يميلون إلى تقديم الشعراء القدامى على حساب الشعراء المحدثين، مثل الشعراء الجاهليين والعصر الأموي. 


وكان ذلك لأنهم يرون أن الأعمال القديمة تحمل قيمة أكبر من الأعمال الحديثة، وذلك بسبب القدرة على التحمل والبقاء على مر الزمن.

قضية عمود الشعر: 

هذه القضية تتعلق بالتركيب الصوتي للشعر وكيفية تكون الأبيات فيما بينها. 


وكانت النقاد العرب القدماء يهتمون بشدة بعمود الشعر، حيث كانوا يرون أن الأبيات يجب أن تتناسب مع بعضها البعض من حيث الطول والقافية والوزن، وأن يتم التناغم بين الأبيات بشكل مثالي. 


وقد وضعوا قواعد صارمة للشعر الذي يعتبر صحيحًا من حيث عمود الشعر، وهذه القواعد لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا.

قضية المفاضلة أو الموازنة: 

هذه القضية تتعلق بتوازن الأبيات في القصيدة، والتي يتم تحقيقها من خلال المفاضلة بين الكلمات والأحرف. 


وكان النقاد القدامى يعتبرون أن القصيدة الناجحة هي التي تتمتع بالموازنة الصحيحة، حيث يتم تحقيق توازن بين الأبيات من حيث الطول والقافية والوزن وعدد الكلمات، ويتم استخدام اللغة بشكل دقيق لتحقيق هذا التوازن.

قضية البديع:

يعتبر البديع من أهم القضايا التي شغلت النقاد العرب القدامى، إذ يمثل العامل المهم في جعل الشعر متميزًا ومختلفًا. 


ويتمثل البديع في استخدام اللغة بطرق غير مألوفة، مثل استخدام الاستعارة والتشبيه والاستدعاء والمجاز والتصوير والتعجيز والاستغراق والقصد وغيرها.

قضية الوحدة والكثرة في القصيدة:

تتمثل هذه القضية في الخلاف القائم بين النقاد حول مدى أهمية الوحدة والكثرة في القصيدة. 


فهناك من يرون أن الوحدة القصيدية تعني تركيز الشاعر على فكرة واحدة، بينما يرون آخرون أن الكثرة في القصيدة تعني تنوع المواضيع وتنوع الأفكار، وبالتالي فإن الشاعر القادر على الجمع بين الوحدة والكثرة هو الشاعر الحقيقي الذي يمتلك القدرة على إيصال رسالته بكل فعالية.

 

رغم أن هذه القضايا ترتبط بالنقد العربي القديم، إلا أنها لا تزال حتى اليوم تشكل قضايا نقدية مهمة في عالم الأدب العربي، حيث يحاول النقاد الحديثون تطبيق المفاهيم القديمة وتطويرها بما يتناسب مع الظروف الحديثة. 

google-playkhamsatmostaqltradent